على حاله من المراوغة بقي الملف الحكومي في ضوء العقبات والعقد التي لا تزال تتحكم بمفاصل مسار التأليف وغياب أفق الحلحلة في المدى المنظور.
وفي السياق، لم تخفِ أوساط وزارية بارزة ومطلعة على مجريات التعقيدات تخوّفَها من تصعيد سياسي يعقب عطلة الأضحى، في ظل ما تناهى إليها من معطياتٍ تتصل بما يُسمّى العقدتين المسيحية والدرزية أولاً، ومن ثمّ بمسألة محاولات ربط الاستحقاق الحكومي بملف إعادة العلاقات مع سوريا. وكشفت هذه الأوساط في حديث لصحيفة “النهار” أن التباينات التي فرطت تفاهم معراب بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بدأت تشكل مناخاً سلبياً للغاية، ما يفاقم العقدة المسيحية في ظل اشتداد الحملات الإعلامية المتبادلة بين الفريقين من جهة والتصلب الكبير الذي يبديه “التيار الوطني الحر” حيال حجم تمثيل “القوات” والحقائب التي ستسند اليها من جهة أخرى.
وأضافت الأوساط إن الأيام الأخيرة شهدت تصعيداً لافتاً لموقف “التيار” حيال “القوات” وكذلك “الحزب التقدمي الاشتراكي” يتهمهما بعرقلة تشكيل الحكومة لمصلحة جهة خارجية هي السعودية، كما يتهمهما بالسعي إلى الحصول على حصة وزارية تفوق الحجم النيابي لكل منهما. في المقابل، تخوّفت المصادر من ملامح تبنّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذا الموقف التصعيدي لتياره، الأمر الذي سيعقّد الوضع إلى حدود كبيرة ويدخله في متاهة التوظيف وتمديد فترة الاستنزاف بما يفاقم تكاليف هذه الفترة.
صحيفة “الأخبار” ذكرت أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أجرى خلال عطلة نهاية الأسبوع عدداً من الاتصالات أبلغ خلالها قيادات لبنانية نيّته تقديم تشكيلة حكومية قبل الخامس عشر من أيلول المقبل، وأضافت الصحيفة إن أحد الوزراء وبعد تشاوره مع الحريري أعرب عن اعتقاده بأن رئيس الحكومة يشتري المزيد من الوقت ريثما يحصل على تفويض خارجي بتشكيل الحكومة، وقال الوزير نفسه إن الحريري مشغول بأموره الخاصة، المالية منها والتنظيمية في تيار “المستقبل”، خصوصاً بعد أن بلغت الخلافات حدّ اضطرار النائب بهية الحريري عقد لقاء مصالحة بين نجليها نادر وأحمد بسبب خلافات بينهما على تقييم نتائج الانتخابات النيابية.
بدورها، نقلت صحيفة “الجمهورية” عن مصادر سياسية أن لا خيارات بديلة عن الموجود في ملف تشكيل الحكومة لأن هذه الخيارات ستوقع البلاد في مشكل أساسيّ ربما تكون عواقبه أسوأ من الوضع الحالي وبالتالي لن يكون أمام الجميع سوى الانتظار استناداً إلى قناعة أبدتها كلّ الأطراف السياسيّة بعدم الدفع بالبلاد نحو المجهول، وأضافت المصادر: “من انتظر ثلاثة أشهر لن يغصّ بشهر إضافي، وفي السياسة يخلق الله ما لا تعلمون”.
صحيفة “اللواء” نقلت عن مصادر في تيار “المستقبل” أن الرئيس المكلف سعد الحريري قدّم الكثير في ملف التأليف الحكومي، مشيرة إلى أن المطلوب ملاقاتُه من خلال تنازلات يقوم بها الأفرقاء من أجل تأليف الحكومة. ونقلت الصحيفة في المقابل عن مصادر نيابية في تكتل “لبنان القوي” توقعها أن لا يحمل شهر آب معه أي تطور إبجابيّ حكومياً في ظل تداخل البعد الخارجي بالملف الحكومي من أكثر من جهة