لبنان بين الانتخابات … و مؤتمر “سيدر” في باريس،السياسة المالية «الحريرية» باقية وتتمدّد

Spread the love

في لبنان الانتخابات النيابية هي الحدث الأول والتهديدات الإسرائيلية هي القلق الدائم، شهدت منطقة بعلبك الهرمل حادثاً أمنياً لافتاً، بين موكب للمرشح يحيى شمص وموكب للائحة الأمل والوفاء، ما فتح باب التساؤل عن وجود خطة للتحرّش بحزب الله، لتظهير السلاح مفردة انتخابية يسهل اتهام حزب الله عبرها بالترهيب والضغط على الناخبين وإظهاره قلقاً من المسار الانتخابي، والتمهيد لربط فوزه اللاحق بحضور السلاح. بينما على مستوى التهديدات الإسرائيلية، تقاطعت مواقف واتصالات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع مواقف واتصالات رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث أبلغ رئيس الجمهورية لممثلة الأمم المتحدة رفض لبنان التهديدات الإسرائيلية واعتبارها إعلان حرب، وتحضيره لشكوى سيتقدّم بها إلى مجلس الأمن الدولي.

لبنانياً، أيضاً تتركز الأنظار على باريس، حيث ينعقد اليوم مؤتمر سيدر المخصص لدعم الاقتصاد اللبناني، والمخصص لمناقشة مشاريع يعود أغلبها للبنى التحتية، يحملها الوفد الحكومي اللبناني الذي يترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، طلباً لتمويلها من الدول المشاركة بصفة أصدقاء لبنان، تحت مسمّى المانحين، وبعدما كان الحديث عن تخطّي سقف الخمسة عشر مليار دولار، قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إنّ الرقم الذي يبدو أنّ المؤتمر سينتهي إليه هو وعود بخمسة مليارات دولار مشروطة بالتزام الحكومة اللبنانية بشرطين، واحد سياسي، تحت مسمّى فرض سيادة الدولة الكاملة على كامل أراضيها وتأمين حصرية سيطرتها على السلاح وتطبيق القرارات الدولية، خصوصاً القرار 1559، ما يعني وضع سلاح المقاومة على طاولة البحث، كعامل ضغط على الحكومة الجديدة التي ستولد بعد الانتخابات، وإلزامها سلفاً بسقوف سياسية مسبقة، وبالتوازي ربط التمويل بالقروض والودائع المصرفية التي يرجّح أن تبادر إليها دول الخليج، والتمويل بقروض وودائع يعني إبقاء سيف السداد والاسترداد متاحاً كقوة ضغط على الاقتصاد والمالية العامة، بينما يفسّر الشرط الثاني التوجهات الاقتصادية والاجتماعية التي يُراد تقييد الحكومة الجديدة، بربط المساهمات التي يقرّها المشاركون بالأخذ بشروط البنك الدولي، المعروفة لبنانياً بوصفة السنيورة، نسبة للرئيس فؤاد السنيورة، وفي طليعتها رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 . وهو ما يعني دفع الطبقات الفقيرة والمتوسطة للمزيد من الإنهاك الاقتصادي والاجتماعي.

«باريس 4»: السياسة المالية «الحريرية» باقية وتتمدّد

في وقتٍ يسير القطار الانتخابي بسرعة قياسية نحو المحطة الفاصلة في 6 أيار المقبل، كانت الأنظار منصبّة الى العاصمة الفرنسية، حيث يفتتح مؤتمر باريس 4 أعماله اليوم بكلمة لرئيس الحكومة سعد الحريري بمشاركة نحو 50 دولة ومؤسسة مالية عالمية، ويشرح الحريري والوفد الوزاري المرافق على مدى يومين للجهات المانحة ورقة المشاريع التي أعدّتها الحكومة اللبنانية وتتضمّن بحسب المعلومات 250 مشروعاً، لكن دائرة التساؤلات والشبهات تتوسّع لجهة تزامن موعد المؤتمر مع الانتخابات النيابية والجدوى الاقتصادية المتوقعة والشروط المالية والسياسية التي تفضحها بعض التصريحات المحلية والخارجية. أما السؤال الأبرز الذي يدور في الأوساط المالية والاقتصادية فهو الفرق بين باريس 4 وباريس 1 و2 و3؟ ولماذا تغيير الاسم الى «سادر»؟ وهل ما عجزت عن تحقيقه مؤتمرات باريس الثلاثة سيتحقق في باريس 4؟ وهل سيحول الاقتصاد اللبناني من ريعي إلى إنتاجي؟ هل يخفي مشاريع سياسية تفرض على الدولة اللبنانية ما بعد الانتخابات إن على المجلس الجديد أو الحكومة المقبلة وعلى العهد الحالي والعهود المقبلة أيضاً؟

مرجع وزاري ومالي سابق أشار لـ «البناء» في معرض قراءته لمؤتمر باريس 4، الى أن «المؤتمر هو استمرار لمؤتمرات باريس 1 و2 و3 التي كرّست التبعية الاقتصادية والسياسية للخارج والاعتماد عليه للتنمية الداخلية. وهذا مسلك خطير. فالتنمية الشاملة يجب أن تراعي حاجات الطبقتين الفقيرة والمتوسطة وليس أصحاب رؤوس الأموال المساهمين في وصول البلاد إلى الأزمة الاقتصادية».

وحول كلام رئيس الحكومة بأن هذه المؤتمرات الدولية تشكل فرصة ثمينة للبنان لإنقاذ اقتصاده من الانهيار، تساءل المرجع: هل أنقذ باريس 1 و2 و3 لبنان من أزمته الاقتصادية والمالية؟ وهل خفف المديونية أم أدّى الى ارتفاع إضافي في معدلاتها الى 80 ملياراً فضلاً عن الحجم المرتفع لخدمة الدين؟ وهل حققت التنمية الشاملة في المناطق الأكثر فقراً في الشمال والبقاع؟

وشكّك المرجع بتحقيق ارتفاع في النمو بالاعتماد على الدعم الخارجي، لافتاً الى أن «البلد يحتاج الى خطة إنقاذية أو على الأقل وضع قانون ضريبي فعّال وتفعيل أجهزة الرقابة لمكافحة الهدر والفساد، ما يمكننا من تخفيض معدلات المديونية والعجز في الموازنة»، ورأى المرجع أن «المؤتمر ينعقد تحت دواعٍ اقتصادية، لكنه يتخذ أبعاداً سياسية وتعويم عدد من رجال السياسة ورؤوس الأموال». وأوضح أن «السياسة الاقتصادية والمالية «الحريرية» لا زالت هي الحاكمة والمؤتمرات الحالية استمرار لهذه السياسة التي أدّت الى الأزمات في لبنان في ظل صمت القوى السياسية الأخرى». ويؤكد المرجع أن «الخطر من انهيار مالي واقتصادي قائم منذ العام 1990 وصحيح أن السياسة النقدية حالت دون الانهيار وثبتت سعر صرف العملة الوطنية، لكنها لم تتمكن من تأمين ظروف اقتصادية مريحة للشعب اللبناني، بل حققت فئة المتموّلين اللبنانيين والخليجيين أرباحاً طائلة من خلال الفوائد الخيالية على سندات الخزينة والفارق بين نسب الفائدة بين الليرة والدولار».

ووجد المصدر باستخراج النفط والغاز من البلوكات اللبنانية في غضون ثلاث أو أربع سنوات بصيص الأمل لوحيد للإنقاذ، «لأن بذلك يحقق لبنان قفزة نوعية من دون منّة من أحد ما ينشط الدورة الاقتصادية عبر إقامة مشاريع استثمارية دون حاجة لدعم خارجي».

وترصد المصادر الحركة والاندفاعة السعودية للمشاركة في مؤتمر الدعم الاقتصادي للبنان، إن كان سيفتح باب نفوذ جديد في لبنان؟ وهل ستبادر المملكة الى إيداع وديعة مالية ضخمة في البنك المركزي لتصبح لاعباً مؤثراً في اللعبة المالية والسياسية كما حصل إبان حكم الرئيس رفيق الحريري، ما يؤشر الى أن السياسة الحريرية المالية باقية وتتمدّد.

كما يعتبر المرجع المذكور أن «باريس 4» لن يحقق جدوى اقتصادية فحسب، بل سيخلّف مخاطر اقتصادية خطيرة على لبنان، وأبدى استغرابه حيال الأرقام التي تطرح عن جدوى المؤتمر لا سيما توفير 900 الف فرصة عمل، كما قال رئيس الحكومة، مشيراً الى أن هذا الكلام يعبّر عن جهل بأبسط القواعد الاقتصادية. فهذا الرقم يشكل 25 في المئة من عدد سكان لبنان، إلا إذا كان الحريري يقصد بكلامه النازحين السوريين؟».

غير أن اللافت هو «الحركة الدبلوماسية الدولية في لبنان المواكبة لانطلاقة المؤتمر في باريس، وتذكير المسؤولين اللبنانيين بالاستراتيجية الدفاعية كمعبرِ للحصول على المال ضمن سلة شروط سياسية وأمنية ومالية لم تظهر الى العلن حتى الآن».

وحضرت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل دالر كارديل، الى بعبدا أمس، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واعتبرت كارديل أن «المواقف التي صدرت عن الرئيس عون قبيل انعقاد مؤتمر «روما 2» لا سيما في ما خصّ مسألة الاستراتيجية الوطنية الدفاعية ساهمت في إنجاح المؤتمر، إضافة الى اوراق العمل اللبنانية الجيدة والواضحة التي قُدمت الى المؤتمرين». وأكدت كارديل «استمرار دعم الامم المتحدة للبنان في كل المجالات والعمل مع الحكومة اللبنانية لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها».

بدوره، أكد عون حرص لبنان على استمرار هذا التعاون لا سيما خلال مؤتمر «بروكسل» الذي سيتطرق الى قضية النازحين السوريين الذين يدعو لبنان الى تأمين عودة تدريجية لهم الى المناطق الآمنة في سورية، لا سيما أن تداعيات هذا النزوح على الاقتصاد اللبناني بلغت حدًا كبيرًا لم يعُد في قدرة لبنان تحمّله. وأبلغ عون ضيفته أن لبنان «حريص على تعزيز الأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية، لأنه بلد يؤمن بالسلام وينبذ الحروب، إلا انه لا يمكن القبول بالتهديدات التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون من حين إلى آخر، لأنها هي ايضاً عمل حربي».

وكان الحريري غادر الى فرنسا على رأس وفد ضم الوزراء: علي حسن خليل، جبران باسيل، يوسف فنيانوس، رائد خوري وسيزار أبي خليل، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد ومستشاري رئيس الجمهورية الياس أبي صعب وميراي عون ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والمستشار نديم المنلا.

وأشار الحريري في حوار مع مجلة «الأمن العام»، الى أن «الطريق الى بناء قوات عسكرية وأمنية لبنانية قوية قطع شوطاً طويلاً جداً، واستلزم ذلك جهوداً كبيرة جداً وتضحيات، وهو لا يزال يتطلّب المزيد من الصبر والحكمة والالتزام». وقال «الحشد الدولي الذي رأيناه أظهر مرة جديدة، أن بلدنا لا يزال حاجة عربية ودولية، لكي يكون واحة استقرار للجميع من دون استثناء، وأن المشاركين في المؤتمر أصبحوا مدركين جيداً أن أحد أبرز شروط الاستقرار فيه هو تقوية الجيش وكل القوى الأمنية اللبنانية، بحيث تتمكن من بسط سلطتها على كل الأراضي والحدود اللبنانية، وأن الدولة وحدها تشكل المظلة والضامنة لأمن جميع اللبنانيين من دون استثناء».

شاهد أيضاً

أبي خليل لصوت الحرية:حق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية قد شطب من المادة 79 من الموازنة

Spread the love أكد النائب سيزار أبي خليل ان “العلاقة مع حركة أمل من جيد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *